Connect with us

أخبار محلية

حين يصبح التردد قراراً حتمياً !!

Published

on

حين يصبح التردد قراراً حتمياً

يُنظر إلى التردد أحياناً كمرآة للضعف، وكأن الحسم هو المعيار الوحيد للقوة. لكن الحقيقة أكثر تعقيداً من هذا التصور السطحي. فعدم اتخاذ القرار ليس دائماً انكساراً أمام المجهول، بل هو أحياناً تعبير عن وعي عميق بالتوازنات التي تفرضها الحياة، تلك التي لا تُرى بالعين المجردة ولكن يُشعر بها في عمق الروح والعقل.

من الناحية الاجتماعية، الإنسان ليس كائناً مستقلاً يعيش بمعزل عن محيطه. قراراته تتشابك مع منظومة من العلاقات والروابط، من العائلة إلى المجتمع الأوسع. في كثير من الأحيان، يكون الامتناع عن اتخاذ قرار صادم أو متسرع شكلاً من أشكال المسؤولية الاجتماعية، لا خوفاً من المواجهة بل احتراماً لتداعيات ذلك القرار على الآخرين. ففي مجتمع تُحدد فيه الروابط العائلية والتقاليد مسارات الحياة، قد يكون الصمت أو التأني موقفاً أكثر حكمة من قرارٍ لا يأخذ في الحسبان تعقيدات البيئة المحيطة. وقد أظهرت دراسة عراقية نُشرت في جامعة المستقبل أن الخوف من تحمل المسؤولية أو الفشل ونقص الخبرة من أبرز العوامل التي تدفع الأفراد، إلى التردد في اتخاذ القرارات.

أما من الناحية النفسية، فالتردد ليس إلا محطة تأمل داخلية، مساحة يخلقها العقل ليوازن بين الرغبات والمخاوف. في هذه المساحة، ينضج التفكير وتتبلور الخيارات…..عدم اتخاذ القرار قد يكون تعبيراً عن صراع داخلي بين ما نريد فعلاً وما نخشى خسارته. إنه ليس هروباً من الحسم، بل فرصة لاستكشاف الذات بعيداً عن ضغط اللحظة. فالتفكير المتأني يمنح الإنسان القدرة على فهم أعمق لمشاعره ودوافعه، مما يجعله أكثر قدرة على اتخاذ قرارات راسخة عندما يحين وقتها. وفي هذا السياق، أشار البروفيسور قاسم حسين صالح إلى تأثير الأزمات النفسية والاجتماعية على ازدياد ظاهرة التردد نتيجة الضغوط التي تعيشها الأفراد في بيئات مضطربة.

ومن منظور أخلاقي، يكمن في الامتناع عن اتخاذ القرار أحياناً بُعدٌ قيمي عميق. فليس كل قرارٍ يُتخذ بسرعة هو قرار صائب. هناك قرارات تفرض التروي لأن نتائجها لا تتوقف عند حدود الذات، بل تتجاوزها لتؤثر على مصائر آخرين. في هذه الحالة، يصبح الامتناع عن اتخاذ القرار شكلاً من أشكال الأمانة الأخلاقية، حيث يقف الإنسان وجهاً لوجه أمام مسؤوليته عن العواقب……دراسة أخرى عن الذكاء الاستراتيجي وعلاقته باتخاذ القرار لدى القيادات أكدت أن التردد ليس دائماً عيباً، بل قد يكون نتاجاً لوعي عميق بضرورة دراسة الموقف من جميع زواياه قبل إصدار حكم نهائي.

القوة الحقيقية لا تكمن في اتخاذ القرار بسرعة، بل في القدرة على الانتظار عندما يتطلب الأمر ذلك. في عالم يقدس الحسم الفوري ويرى في التردد ضعفاً، يبقى الوعي بأن لكل قرار وقته ووزنه دليلاً على نضج فكري وروحي. فعدم اتخاذ القرار ليس فراغاً، بل هو امتلاء بصبر الحكمة، وتوازن العقل، ونقاء الضمير.

اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أخبار محلية

الشيخ خميس الخنجر عن زيارة وزير الخارجية السوري

Published

on

قراءة المزيد

أخبار محلية

رئيس الوزراء يؤكد أهمية احترام معتقدات ومقدسات كل فئات وشرائح الشعب السوري

Published

on

أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الجمعة، على أهمية احترام معتقدات ومقدسات كل فئات وشرائح الشعب السوري.

 “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، استقبل وزير خارجية الجمهورية العربية السورية أسعد الشيباني”، لافتا إلى أنه “جرى، خلال اللقاء، التأكيد على موقف العراق الواضح والثابت في احترام خيارات الشعب السوري، بكلّ مكوناته وأطيافه والحرص على أمن واستقرار سوريا، الذي ينعكس على أمن واستقرار المنطقة، وبهذا الصدد تم التأكيد على أهمية استمرار المشاورات السياسية والأمنية بين البلدين”.
وأكد رئيس مجلس الوزراء- بحسب البيان- على “ضرورة المضي بعملية سياسية شاملة تحفظ التنوع والسلم الاجتماعي”، مشيراً إلى “أهمية احترام معتقدات ومقدسات كل فئات وشرائح الشعب السوري، وعدم القبول بأي اعتداءات أو انتهاكات تحصل ضد أي مكون منهم”. 
وأكد على “وحدة الأراضي السورية، ورفض جميع التدخلات في الشأن السوري، خصوصاً مع ما يجري اليوم من سيطرة جيش الكيان الغاصب على أراضٍ سورية”.
وأعرب السوداني عن “استعداد العراق للمساهمة في دعم سوريا وإعادة إعمارها، وتقديم جميع التسهيلات اللازمة في هذا الشأن، مع التأكيد على أهمية التنسيق لمواجهة مخاطر الإرهاب لتحقيق الاستقرار الداعم لإعادة إعمار سوريا والعمل على مواجهة الخطاب الطائفي”.

قراءة المزيد

أخبار محلية

رئيس الوزراء يؤكد أهمية استثمار قطاع الاتصالات

Published

on

رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني يستقبل رئيس هيأة الإعلام والاتصالات

استقبل رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، الرئيس الجديد لهيأة الإعلام والاتصالات السيد نوفل هلال أبو رغيف.

وشدد السيد رئيس مجلس الوزراء على الدور المحوري والمهم للهيأة في تنظيم العمل الإعلامي، وتحقيق الرؤية الوطنية في هذا الاتجاه، التي تقوم على أن يكون الإعلام داعماً للأمن والاستقرار المجتمعي وفرص التنمية المستدامة.

وأكد السيد السوداني، خلال اللقاء، أهمية الاستثمار الأمثل لقطاع الاتصالات وتنميته بالشكل الذي يجعله مساهماً في تعظيم موارد الدولة، وبما ينسجم مع توجهات الحكومة في هذا المجال، حيث تطرق سيادته إلى تصويت مجلس الوزراء مؤخراً على تأسيس الشركة الوطنية للهاتف النقال، وبتقنية الجيل الخامس بالتعاون مع شركة فودافون العالمية.

قراءة المزيد

اخبار رائجة