Connect with us

أخبار محلية

هل تحوّلت وسائل التواصل إلى ساحات للصيد البشري؟

Published

on

جرائم الاحتيال الإلكتروني في العراق
هل تحوّلت وسائل التواصل إلى ساحات للصيد البشري؟

بينما كنت أتصفح موقع مجلس القضاء الأعلى، لفتت انتباهي كلمات بدا وكأنها صيحة تحذير من واقع يتفاقم مع تعقيدات العصر الرقمي. تحقيق مفصل حول جرائم انتحال الشخصيات الحكومية ألقى الضوء على جانب مظلم في ثورة التواصل الاجتماعي، التي كانت في يوم ما وسيلة لتقريب المسافات بين الناس. اليوم، تحولت هذه المنصات إلى سلاح يستخدمه البعض للإيقاع بالآخرين واستغلالهم، مما يثير تساؤلات حول الأبعاد الأخلاقية والقانونية لهذه الظاهرة.

إن عالم الإنترنت، رغم بريقه الذي يخطف الأبصار، يخبئ في طياته أفخاخًا عديدة، تتنوع بين الإغراءات الوهمية، المتاجر المزيفة، وانتحال الشخصيات. هذه الأساليب ليست مجرد أعمال غش عابرة؛ بل هي ضربات ممنهجة تستهدف الثقة التي تربط الناس في فضاء افتراضي، حيث تختلط الحقيقة بالخداع. مع ازدياد هذه الجرائم في العراق، بات لزامًا علينا الغوص في أعماقها لنفهم دوافعها وآلياتها، ونستنهض أدواتنا القانونية والتقنية لمواجهتها.

علميًا، يُرجع المختصون أسباب تنامي هذه الظاهرة إلى تزايد الاعتماد على المنصات الرقمية ونقص الوعي بمخاطرها. في هذا الفضاء المفتوح، تتيح بعض الثغرات التقنية والقانونية للمحتالين استغلال ثقة المستخدمين بشكل يهدد أمنهم المادي والمعنوي. من جهة أخرى، لم تسلم المؤسسات من استهداف هذه الجرائم، ما زاد الحاجة إلى تطوير آليات رصد ومكافحة فعّالة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات القانونية الحديثة، التي لم تواكب التغيرات السريعة في الفضاء الرقمي، تعتبر من أبرز العوائق التي تتيح للمحتالين التسلل بسهولة، مما يثير الحاجة الملحة لتطوير قوانين محدثة وفعّالة في مواجهة هذه الجريمة.

لقد أظهرت الدراسات أن التصدي لهذه الجرائم ليس مجرد مهمة تقنية، بل يحتاج أيضًا إلى تطوير ثقافة رقمية شاملة تكون جزءًا من التربية والتعليم في المجتمع. فلا يمكننا الاعتماد فقط على أدوات الحماية التقنية، بل يجب أن يترافق ذلك مع تعزيز وعي الأفراد بخطورة هذه الجرائم وسبل الوقاية منها. من هذا المنطلق، لا بد من توجيه اهتمام خاص إلى أهمية بناء ثقافة رقمية فاعلة تعزز من حماية الأفراد والمؤسسات من مخاطر الاحتيال الرقمي.

كما أن التكامل بين الأطر القانونية والتقنية يظل أمرًا حيويًا، إذ لا يمكن لمكافحة هذه الجرائم أن تتحقق دون وجود نظام قانوني رصين، يعكس التحديات الرقمية المعاصرة ويعاقب المخالفين بشكل فعال. يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات سيبرانية متقدمة، تشمل تطوير خطوط ساخنة للبلاغات وتفعيل قوانين جديدة للتصدي للجريمة الإلكترونية. من المهم أن يتوافر الاتصال المباشر بين الأفراد والجهات الأمنية لضمان سرعة الاستجابة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

لذلك، لا يمكن الحديث عن مكافحة هذه الظاهرة دون إضفاء بعد إنساني وأدبي على تناولها، حيث إن هذه الجرائم ليست مجرد أرقام أو قضايا قانونية، بل قصص لأشخاص وقعوا ضحية الجشع والخداع. من خلال دمج الرؤية الإنسانية مع الإجراءات القانونية، نستطيع تعزيز المساءلة الاجتماعية والمشاركة الجماعية في محاربة هذه الظاهرة.

إننا اليوم أمام معركة شائكة بين الجريمة الرقمية وقيم الثقة التي تُبنى عليها مجتمعاتنا. ليست هذه الجرائم مجرد أعمال غش واحتيال عابرة، بل تهديد مباشر لأسس الأمان الاجتماعي والاقتصادي. على الجميع أن يدرك أن التصدي لهذه الظاهرة لا يقتصر على الجهات الحكومية أو التقنية، بل هو مسؤولية جماعية تستوجب تضامن المؤسسات والأفراد.

كما أن الأمر لا يتطلب فقط أدوات قانونية وتقنية، بل رؤية إنسانية تضع الضحايا في صميم المعركة. كل شخص نجا من الوقوع ضحية، وكل خطوة نحو وعي رقمي أوسع، هي لبنة في جدار حماية المجتمع.

ليكن حديثنا عن هذه القضية صرخة وعي تُحدث التغيير، وبداية لحراك جماعي يستعيد الثقة المفقودة ويحصّن أجيال المستقبل من خطر الاحتيال الرقمي. وذلك من خلال اتخاذ إجراءات قانونية متطورة، ودعم ثقافة إلكترونية حديثة، وتوفير أدوات سيبرانية فعالة لمكافحة هذا التهديد المتزايد

اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أخبار محلية

الشيخ خميس الخنجر يدين الاحتلال الصهيوني على سوريا

Published

on

قراءة المزيد

أخبار محلية

رئيس الوزراء: الحكومة بصدد إنشاء مراكز تخصصية في المحافظات التي تفتقر لها

Published

on

أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، أن تطوير القطاع الصحي جرى على 3 مسارات، مبينًا أن الحكومة بصدد إنشاء مراكز تخصصية في المحافظات التي تفتقر لها لتغطية حاجاتها العلاجية وتخفيف أعباء السفر والتنقل على المواطنين. 

 “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل، مجموعة من السيدات اللواتي تمكنّ من محاربة مرض السرطان، بحضور عدد من الطبيبات الاختصاص، ومستشارة رئيس مجلس الوزراء لشؤون المرأة”.
وهنأ السوداني، بحسب البيان، “الحضور بمناسبة عيد الفطر المبارك، وحيّا الإرادة الاستثنائية لدى النساء المحاربات للسرطان، وتحملهنّ أعباء هذا المرض”، مؤكدًا، أن “القطاع الصحي شكل أولوية مهمة للحكومة بمختلف أنشطته”.
وقال رئيس الوزراء، حسب البيان: إن “تطوير القطاع الصحي جرى على 3 مسارات: الأول هو توفير الأدوية، خصوصًا المنقذة للحياة، وتوطين الصناعة الدوائية في العراق، والثاني هو الاهتمام بالمراكز التخصصية، وتخصيص الأموال لها في الموازنة، بجانب توزيعها الجغرافي”، مبينًا، أن “الحكومة بصدد إنشاء مراكز تخصصية في المحافظات التي تفتقر لها لتغطية حاجاتها العلاجية وتخفيف أعباء السفر والتنقل على المواطنين، فيما تضمن المسار الثالث تحسين مستوى الخدمة والأداء في المراكز الصحية الأولية والمستشفيات، وما يتعلق بالكشف المبكر للمرض الخبيث”.
وأشاد السوداني، “بجهود العاملين في مجال القطاع الصحي وتصديهم للتحديات، التي تعكس ما يحملونه من مبادئ وقيم إنسانية”.  
ووجّه، خلال اللقاء، بعمرة مجانية إلى بيت الله الحرام لمحاربات مرض السرطان من الحضور؛ وذلك اعتزازًا وتقديرًا لهنّ، ولإرادتهن في مواجهة المرض. 

قراءة المزيد

أخبار محلية

رئيس الوزراء: نسبنا بإقرار 2 نيسان ليكون يوماً رسمياً للشهيد الفيلي

Published

on

وجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، بأن يكون الثاني من نيسان يوم الشهيد الفيلي العراقي، فيما أشار الى توجيه محافظتي ديالى وواسط بإعمار مناطق السكن التاريخية في الشريط الحدودي.

 “رئيس مجلس الوزراء ،السيد محمد شياع السوداني استقبل، اليوم الأربعاء، مجموعة من ذوي شهداء الكرد الفيليين، وذلك بمناسبة يوم الشهيد الفيلي العراقي الذي يوافق اليوم 2 نيسان من كل عام”.
وبارك للحاضرين حلول عيد الفطر المبارك، مشيراً إلى “التوجيه بأن يكون هذا اليوم مناسبة لاستحضار ذكرى أبشع الجرائم التي ارتكبها النظام الدكتاتوري بحق مكون أصيل من مكونات النسيج المجتمعي العراقي، وتمثل واحداً من أسوأ فصول النظام المباد ضدهم نتيجة الانتماء والهوية الدينية”.
واستذكر رئيس مجلس الوزراء “حملات التهجير الممنهج والإخفاء القسري لشباب الكرد الفيليين، حيث أخفي الآلاف منهم في مقابر جماعية بعد استخدامهم كتجارب في مختبرات الأسلحة الجرثومية بصورة همجية”، مؤكداً أن “الفيليين قدموا التضحيات والإسهامات في بناء الدولة العراقية”.
وأكد السوداني “استمرار عملية المحاسبة والملاحقة وإقامة الشكاوى بحق كل المتورطين في هذه الجرائم، التي ابتدأت بمحاسبة رأس الهرم المجرم صدام، بالإضافة الى إلقاء القبض قبل شهور على زمرة من إدارة الأمن العامة سيئة الصيت داخل العراق، وهم ضمن جيش من أزلام النظام السابق ارتكبوا الجرائم”.
وبين “حين نستذكر الجرائم بحق الكرد الفيليين، نؤكد التزامنا بمبدأ المواطنة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية لكل مكونات الشعب العراقي”، مشددا على “أن تكون جرائم الاستبداد والانتهاكات القمعية حاضرة في أذهان الأجيال، حتى لا تتكرر تحت أي عنوان آخر”.
وأشار الى أن “الممارسات الإرهابية التي حصلت بعد 2003، تعيد إلى الأذهان جرائم النظام المباد”، موضحا أن “الحكومة لم تنسَ تضحيات أبناء الشعب العراقي، ووجهنا باستكمال إجراءات القوانين المنصفة للضحايا وإعادة الحقوق المسلوبة وتوثيق الجرائم”.
وتابع أنه “من خلال وجود استشاري لشؤون الكرد الفيليين، نسبنا بإقرار 2 نيسان ليكون يوماً رسمياً للشهيد الفيلي، وخصصنا قطعة أرض لمقبرة الشهداء الفيليين تخليداً لذكراهم”، لافتا الى “أننا أصدرنا توجيها بتسمية منسق مع وزارة الداخلية لمتابعة قضايا إصدار الجنسية وتصحيح المعاملات، ومتابعة تنفيذ مقررات لجنة الأمر الديواني 33 لسنة 2019”.
ووجه السوداني “بالتنسيق مع المحاكم المختصة لمتابعة القضايا الخاصة بالكرد الفيليين، وحث ذوي الشهداء على إقامة دعاوى قضائية ضد أزلام النظام المباد المتورطين بالإبادة الجماعية ضد هذا المكون العراقي”، مؤكدا “إصدار توجيه بتشكيل لجنة لتحديد معيار توزيع الوحدات السكنية في مجمع زرباطية على المستحقين من أبناء المكون”.
ووجه رئيس الوزراء “محافظتي ديالى وواسط بإعمار مناطق السكن التاريخية في الشريط الحدودي، وتخصيص فرص عمل لأبناء المكون”، موضحا “أننا نعمل على إزالة العقبات التي ترافق الإجراءات والمقررات الخاصة بحقوق الفيليين”.
وأكد أن “ما نقدمه لذوي الشهداء الفيليين هو جزء من واجباتنا أمام تضحياتهم الغالية”. 

قراءة المزيد

اخبار رائجة